جوزيف.. ناجي من سرطان الكلى :
تحلوا بالشجاعة وابدأوا على الفور

Artboard 3@2x-8

السيد/ جوزيف يبلغ من العمر 52 سنة يعمل بوظيفة مدير مالي في قطر منذ إحدى عشرة عاما. يعيش مع زوجته التي يعتبرها السند والدعم الرئيسي لحياته بصحبة بناته الثلاث ، الآن هو متعافي من السرطان ويتمتع بالحياة بكل ما أوتي من قوة.

في أكتوبر 2019 شعر ببعض الألم في ظهره مما دفعه للذهاب إلى المستشفى. ، حيث قام الأطباء على الفور بإجراء أشعة رنين مغناطيسي ومن ثم وجدوا كتله مقاسها 6 سم في الكلية اليسرى ، ولسوء الحظ لم يقم الأطباء بفحص الكتلة حينذاك ، فكان العلاج هو بعض الأدوية المسكنة، ومن ثم خرج من المستشفى ، وبعد مرور شهر ازداد الألم ليصل إلى المعدة، ولكنه لم يهتم به في بداية الأمر ، وعزا الألم إلى الجوع أو الغازات ، ظن في بادئ الأمر أن هذا الألم قد يكون بسبب مشاكل في الطعام ، ولكن نظرا لاستمرار الألم، ذهب جوزيف إلى المستشفى للفحص ومن ثم خضع لعملية منظار داخلي. قام الطبيب أيضًا بإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية بالمنظار وحدد وجود نفس الكتلة في كليته اليسرى. ثم أحاله إلى طبيب مسالك بولية لمزيد من الفحوصات.

وأثناء موعده بالمستشفى، اكتشف جوزيف أن تقرير أشعة الرنين المغناطيسي غير متواجد على نظم المعلومات بالمستشفى. ولهذا كان عليه أن يقوم بأشعة مقطعية في اوائل شهر ديسمبر. أظهرت الأشعة وجود كتلة كبيرة في وسط الكلية اليسرى. أخبره أخصائي المسالك البولية أن هذه الكتلة تحتاج إلى علاج في العيادة الداخلية، لذلك تم إحالته إلى المستشفى العام ، وأكد الأخصائي أنه سيرسل كافة النتائج والصور إلى فريق مستشفى حمد الذين سيتولون أمره وقام بزيارته يوم 25 ديسمبر. أي يوم عيد ميلاد المسيح. وفي هذا اليوم دخل جوزيف إلى المستشفى حيث أخبره الأطباء أنه بالرغم من أن كافة التقارير والصور السابقة متاحة إلا أنهم سيكررون كافة الفحوصات للحصول على مزيد من التفاصيل ليتمكنوا من فهم الوضع الحالي للورم.
قام الأطباء بعمل أشعة مقطعية ووجدوا الكتلة في كليته اليسرى، صارت نصف حجم الكلية، حيث أصبحت بقياس 7.5 سم في 8 سم. كما أنها صلبة ومتنامية ومتمركزة في وسطة الكلية فضلاً عن أنها قريبة جدا من الأوعية الدموية – لذلك لم يكن من الممكن استئصال جزء من الكلية. فقرر الأطباء استئصال الكلية بأكملها.
قبل أن أجري العملية في قطر ، طلبت من قريبتي في لبنان (زوج أخت زوجتي) أخذ التقرير والفحص المقطعي إلى أخصائي للتحقق من الوضع ومعرفة الخيارات التي يمكننا القيام بها في مثل هذا، كانت النتيجة هي نفسها كما في تحليل مستشفى حمد. كنا نتلقى الدعم من أخت زوجتي وعائلتها حتى من بعيد وإبلاغنا بأن الأمور ستكون على ما يرام ولا داعي للقلق. وكوني كندي من أصل لبناني كان يمكنني إجراء العملية في كلا المكانين ، ولكن في كلاهما سأكون بعيدًا عن عائلتي وسيكون من الصعب البقاء لفترة طويلة بعد الشفاء.
كان الخوف قليلًا لأننا لم نكن على دراية بالنوع ، وبعيدًا عن عائلتي وما الأشياء التي يمكن أن تحدث في حياتهم إذا حدث لي أي شيء سيئ ، ولكن بالطبع نترك الأمر والنتائج لله وسيكون الله معنا وسنقبل رحمته.

في قطر لم يخبره الأطباء بقرار العملية إلا قبل الجراحة بيومٍ واحدٍ حيث أخبره الطبيب الجراح أن هذا الورم سرطاني وانه ليس هناك بديل من استئصال الكلية ، أجاب الجراح على كافة أسئلته، وشرح له كافة الإجراءات المتبعة ، وفي التاسع عشر من شهر يناير 2020 خضع لعملية استئصال الكلية واستغرقت العملية ما بين ثلاث ساعات ونصف إلى أربع ساعات، أي أنها كانت أطول من العمليات التقليدية بنحو 45 دقيقة بسبب المضاعفات الناتجة عن السوائل التي زادت حول الورم ، قضى جوزيف حوالي من ساعتين إلى ثلاثة حتى أفاق من التخدير. كانت فترة الاستيقاظ أطول من المعتاد، ويرجع ذلك على الأرجح إلى صعوبات في التنفس بسبب حالة طبية تعرف باسم توقف التنفس أثناء النوم ، مكث جوزيف في غرفة الإفاقة حتى الساعة 5:30 مساء ثم قضى خمسة أيام أخرى في المستشفى بسبب آلام أخرى في معدته (أغلب الظن أنه غاز تراكم بعد الجراحة) ن بعد خروجه من المستشفى واصل حياته دون التفكير في النتائج. لم يكن هناك شيء آخر ليفعله سوى الانتظار.
وفي الثالث من فبراير، أي بعد أسبوعين تقريبا من العملية، كان موعده لاستلام نتائج الفحوصات. أخبره الأطباء أن من حسن حظه أن عملية استئصال الورم تمت بنجاح، وأنه لم ينتشر في أي جزء من جسده ، وكان كل شيء على ما يرام. وقيل له أيضا أنه سيخضع لبعض المسحات كل ستة أشهر، وفي حالة عدم وجود أي أمراض سيعتبر متعافي من السرطان.

تأمل جوزيف في تجربته وما مر به ، فرأي أن الناس تفهم السرطان وتتكيف معه بطرق مختلفة، البعض لا يتضايقون منه، وبعضهم لديهم الشجاعة الكافية للتعامل معه ، بينما ينتاب البعض القلق وقد تنهار أعصابهم ، أما بالنسبة له، فلم يجد في مرض السرطان ما يخيفه أو يقلق ، لقد آمن بالله وأيقن بقدرته ووضع ثقته التامة بزوجته وأصدقائه ، فبالرغم من عدم معرفه بناته بمجريات الأمور، إلا أنهن كن يقدمن الدعم له ويعملن على راحته وإسعاده. هذا إلى جانب عمه وإخوته المقيمين خارج البلاد والذين قدموا له كل أوجه الدعم ، لم يخبر جوزيف أبويه بمرضه خشية عليهما فهما من كبار السن ويقيمان خارج الدوحة ولا يريد إثارة قلقهما عليه. كان جوزيف متأكدا أنه لا يستطيع أن يمر بهذه التجربة منفردا، فالأشخاص الذين يمكنهم مساعدتك وتقديم الدعم العاطفي لك خلال هذا الوقت هم الأشخاص الذين يعرفونك لا عامة الناس.
وأضاف جوزيف ” إن الدعم الذي حصلت عليه من أصدقائي وعائلتي المقربة (الزوجة والبنات) كان جيدًا وجعلني أكثر استرخاءً وثقةً بخير الله وسأكون جيدًا.

وعند سؤال جوزيف عما شعر به فور تشخيصه بالسرطان، أجاب: كانت الحياة تسير وستظل تسير كما لو أن شيئاَ لم يحدث، الشيء المهم هو أن تتخذ موقف، وبعيدا عن التدخلات الطبية لم يغير جوزيف حياته بسبب السرطان، فما زال يعمل من الساعة 7:00 صباحا حتى 3:00 مساءَ، ويمارس التمارين الرياضية، ويجتمع بأصدقائه ويخرج معهم لتناول العشاء. يقول جوزيف: كل شيء حدث بسرعة، لم يكن لدي وقت لأشعر بالخوف من السرطان.
واجه جوزيف بعض الإحباطات أثناء فترة المرض ولم يهتم بعمل مزيد من الاختبارات والتحاليل. ولكنه سعيد حالياً لأن كل شيء على ما يرام ولأنه تم استئصال الورم في النهاية، ولكن إذ لم يكن سعيد الحظ ولم يذهب للمستشفى فور شعوره بآلام في المعدة لكان انتشر السرطان في جميع جسده ، لقد سافر إلى العديد من الدول حول العالم ورأى ان المرضى يتعالجون بطرق مختلفة في بعض المجتمعات، وأوضح أن الأطباء يشرحون التشخيص الطبي وطرق العلاج بصورة مختلفة للمرضى في جميع دول العالم،

كان جوزيف ممتنا لكل الدعم المقدم من موظفي الرعاية الصحية بالمستشفى، وخاصة الأستاذ المساعد في فريق الرعاية الصحية الذي استمع إلى مخاوفه ومواطن قلقه ولم يبخل عليه بالنصيحة بالإضافة إلى الموظفين الذين قاموا بترتيب مواعيده.
وبعد إزالة الخلايا السرطانية من الكلية، قرر جوزيف أنه لن يندفع في الحياة فهو سيسترخي قبل الانخراط في العمل ويأخذ وقته الكامل في الشفاء وسيتوخى الحذر ، سيستمع للموسيقى ويستمتع بالأمسيات الرائعة. يوجه جوزيف نصيحته للقادمين على إجراء مثل هذه العملية “تحلوا بالشجاعة وابدأوا على الفور”. الوقت كالذهب فابدأ فوراً في العلاج.